"إِنَّ أَفْضَلَ لَحْظَةٍ لِلتَّعَارُفِ فِي رَأْيِي، هِيَ اللَّحْظَةُ الَّتِي تَسْبِقُ الْفِرَاقَ."
-
ربما يبدو القول غريبًا، لكن تأمّل قليلًا وستدرك أنه في لحظة الوداع فقط يتجلى الإنسان على حقيقته، هناك، حين يوشك الحضور أن يتحوّل إلى غياب، تسقط الأقنعة التي نسجها العُرف والمجاملة، وتنكشف الوجوه كما هي دون تزييف.
في لحظة الفراق، لا يبقى فينا ما نُجامل به، بل ما نَحِنّ إليه أو نَخشى فقده، عندها نُدرك كم كانت الأرواح متقاربة أو متباعدة، وكم كنّا نجهل من عرفناهم.
الوداع لا يعرّفنا بالآخرين فحسب، بل يعرّفنا بأنفسنا أيضًا، نكتشف مقدار تعلّقنا، هشاشتنا، قدرتنا على التحمّل، وحدود الحب والصبر فينا.
لهذا، أعتقد أن أجمل التعارف لا يكون في البداية المليئة بالوعود، بل في النهاية التي تَمحصُ الصدق من الادّعاء.
فالذين يبقون في قلوبنا بعد الفراق، هم وحدهم الذين تعرّفنا إليهم، فالفراق يعرّفنا بمن نُحبّ حقًا، وبما نخشى فقده أكثر من أيّ شيء.
♥ 0